لم يكتف شعراء المديح النبوي بمدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالقيم الاجتماعية التقليدية التي كانت مدار فخر العرب، ولا بالفضائل الدينية التي تميّزه عن غيره من البشر، لأنه نبي مرسل، وعلى الرغم من اتساعهم في هذا المنحى اتساعا كبيرا، إلا أنهم اتسعوا أكثر في حديثهم عن سيرته المباركة ومعجزاته الخارقة.
فسيرته حافلة بضروب الكفاح والصبر والتصميم، والمواقف الإنسانية الرائعة، التي يطيب ذكرها والتمثّل بها، والاقتداء بما تدل عليه، لذلك حرص شعراء المديح النبوي على إيراد شيء من سيرته العطرة في قصائدهم، وربما قصروا بعض قصائدهم على السيرة، فاقتربت هذه القصائد من المنظومات التعليمية التي لايهم أصحابها إلا الإحاطة بملامح السيرة الأساسية دون تدخل من الشاعر أو تعقيب، أو التفكّر بها وإظهار مشاعره نحوها.
وقد ظهر هذا اللون من المدائح النبوية في وقت مبكر نوعا ما، مثل القصيدة الشقراطيسية التي نظمها عبد الله بن زكريا الشقراطيسي، وقصرها على إيراد معجزاته صلّى الله عليه وسلّم وسيرته، فابتدأها بقوله:
الحمد لله منّا باعث الرّسل ... هدى بأحمد منّا أحمد السبّل
ثم أخذ يسرد معجزاته، مبتدئا بما ظهر عند مولده، فقال: