فشجاعة رسول الله وثباته في جهاده من أجل الحق، حقيقة يجب أن تبقى ماثلة في نفوس المسلمين، وأن يقتدوا بها في صراعهم مع أعدائهم، ولذلك كررها شعراء المديح النبوي في قصائدهم.
وهكذا استقصى شعراء المديح النبوي فضائل رسول الله وخصائصه، والمعاني الدينية المتعلقة به، وكرروها في جميع قصائدهم، منتشين بعظمة رسولهم الكريم، وبأثره الخيّر في حياة الإنسانية، مازجين هذه المعاني السامية التي ينفرد بها النبي المصطفى بالمعاني التقليدية التي اعتاد العرب على المدح بها ليظهروا ما كان عليه رسول الله من عظمة وسمو في الجانب الديني والجانب الإنساني، وما تركه من خير ورحمة لأمّته، فوصفه البرعي بقوله:
محمّد من زكت شمس الوجود به ... وطاب من ثمرات الكون عرفاه
ومثله ما رأت عين ولا سمعت ... أذن ولا نطقت به في الكون أفواه «١»
لقد حاول شعراء المديح النبوي قدر استطاعتهم أن يجملوا فضائل رسول الله، وأن يوضحوا خصائصه وميزاته، فنشروها في قصائدهم، وتتبّعوها في مصادرها، حريصين على ألّا يفوتهم شيء منها، ليردّوا على منتقصي النبي الكريم من ناحية، وليشيعوا هذه الشمائل الكريمة بين الناس، لينعموا بذكرها، ويقتدوا ويعتبروا من ناحية ثانية.