ودع عنك تذكار الشّباب فإنّه ... زمان تقضى في ضلال وباطل
فبادر إلى محو الذنوب بتوبة ... تعفّي علي آثار تلك الرّذائل
فهل لك في إعداد زاد مبلّغ ... لنيل نعيم عند ربّك كامل
بمدح رسول رفع الله ذكره ... وأوجده من خير خير القبائل «١»
وهذا ما نجده في جل مدائح المغاربة النبوية، فإنها في معظمها مؤدّاة بأسلوب جزل ممتع، لم تنهكه الصنعة، ولم تتسلل إليه الركاكة، لا نشعر عند قراءته بالمعاناة والتعمّل، وإنما تجري نفس الشاعر على سجيتها لا يقلد ولا ينظر إلى أسلوب غيره، بل يعبّر بالطريقة التي سمحت بها ثقافته واستعداده وتمثّله لأساليب الشعراء القدامى.
[النظم:]
من الواضح تماما في المدائح النبوية، وجود بعض القصائد التي اقتربت في أسلوبها وصياغتها من المنظومات التعليمية، كلها أو أجزاء منها، فالشاعر يريد ذكر بعض المعاني في المديح النبوي، وهذه المعاني قد وردت في أحاديث وأخبار وروايات، فلا يقدر على إخراجها إخراجا شعريا، ولا يجرّدها من الألفاظ التي وردت بها، والسياق الذي جاءت به، فينزل الخبر على حاله مع تقديم وتأخير بما يلائم الوزن الشعري فقط، ويظل على هذا النهج، ينتقل من خبر إلى خبر، إلى أن تصبح القصيدة نظما لأخبار وروايات، ليس لها من الشعر إلا الشكل الخارجي والوزن والقافية، فالمهم عند الشاعر أن يدرج هذه الأخبار في قصيدته بأي شكل من الأشكال، وهو يظن أنه صنع شعرا استوفى فيه معاني المديح النبوي، أو أدرج فيه ما لم يذكره غيره، وخاصة عندما يكون الشاعر من علماء الدين، ويريد إظهار علمه، أو يلحّ عليه علمه للظهور في شعره، فالعلماء في ذلك