القصيدة، ولا بأس في أن يرد المدح النبوي في قصائد مدح آل البيت، أو أن يرد مدح آل البيت في قصائد المدح النبوي.
والملاحظة الجديرة بالتوقف عندها، هي أن الشعراء الشيعة هم أقل فئات الشعراء مدحا للنبي في قصائد مستقلة، بل إن بعضهم مدح آل البيت دون أن يشير من قريب أو بعيد إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
القسم الثالث- الشعر الصوفي:
عرف العرب المسلمون التصوف منذ وقت مبكر، لكنه كان بسيطا نقيا مستمدا من سيرة الرسول الكريم وأحاديثه، ومن دعوة الإسلام إلى الإعراض عن زخارف الدنيا وبهرجها، وإلى إخلاص النية لله تعالى وتقواه في السر والعلن.
وقد اتخذ بعض المسلمين الصحابة قدوة لهم في معيشتهم وسلوكهم، فكان تصوفهم إسلاميا خالصا، لا تشوبه شائبة، يقتصدون في مأكلهم ومشربهم، ويعرضون عن مغريات الدنيا وملذاتها، ويتشددون في إظهار تقوى الله، وفي تطبيق تعاليم الإسلام، لا يخرجون عنها قيد أنملة.
بيد أن الفتوحات الإسلامية الواسعة، واختلاط العرب المسلمين بغيرهم من الشعوب ذات الحضارات المزدهرة، والأديان المختلفة، والفلسفات المتباينة، ترك أثره في مناحي الحياة في الدولة العربية الإسلامية وخاصة ما يتعلق منها بالفكر والثقافة، فدخلت آراء جديدة إلى فكر الفرق الإسلامية المتصارعة حول الخلافة وإلى فكر أولئك الذين نبذوا الصراع الدامي المحتدم، ونأوا بأنفسهم عنه، منقطعين إلى العبادة، وإلى التفكر بخلق الله وعظمته، وشاب زهدهم شيء من الأفكار التي انحدرت إليهم من المسيحية وأديان الفرس والهند وفلسفة اليونان «١» .