وأخّر، وأنقص وزاد، واستبدل شيئا بشيء، وهناك من اكتفى بنظم المقطوعات الصغيرة في المدح، دون أن يأخذ مدحه النبوي شكل القصيدة الرسمي، ومنهم من مال إلى التشطير والتخميس والتسديس، وغير ذلك من الأشكال الشعرية التي تقوم على تلوين شكل القصيدة المعروف، وهناك من استخدم الموشحات في المدح النبوي، ومنهم من فتن بقيود الشكل المتصوّرة سلفا، ووصل المدح النبوي إلى أشكال التعبير الشعبي، والنظم الملحون، بالإضافة إلى تفرّد بعض المدائح النبوية بفضل مضمونها، أو بسبب النظم والمعارضة، وكل ذلك التنوع ناتج عن سيرورة المديح النبوي وانتشاره، وانفعال الناس جميعا به، وحرصهم على المشاركة في نظمه، كل حسب مقدرته واستعداداته وميوله النفسية.
[الوزن والقافية:]
إن المدائح النبوية تنوعت في وزنها تنوع أوزان الشعر العربي وأشكال نظمه، فبحور الشعر العربي المعروفة استخدمها شعراء المدائح النبوية بأشكالها وتنوعاتها، إضافة إلى الموشح والفنون الشعرية المحدثة بأوزانها الجديدة، لكن تعبيرها الملحون جعلنا نبعدها عن بحثنا هذا.
وقد أشار النقاد العرب إلى هناك ارتباطا بين وزن القصيدة وموضوعها، فقصائد المدح تحتاج إلى وزن طويل كثير التفاعيل، يسمح بالإسهاب والإطناب، والذهاب في القول كل مذهب، غير أن هذا الأمر لم يكن مطردا في المدح النبوي، فمادحو النبي الكريم استخدموا الأوزان الرشيقة الخفيفة مثل استخدامهم للأوزان الطويلة.
والوزن أو الموسيقا أو الإيقاع، هو أهم مميزات الشعر، ومعيار تفرده عن غيره من فنون القول، واللغة في الأساس أصوات موسيقية، تخرج بنغمات مختلفة، وحين تتجمع الكلمات في العبارة تكتسب جرسا موسيقيا زيادة على ما كانت عليه الكلمة من