إن المعاني التي ترد في الشعر العربي مستقاة من البيئة العربية والمجتمع العربي، ومن ثقافة الشاعر التي تمدّه بمعان تكثر وتقلّ حسب اتساع هذه الثقافة.
والشعراء يتابع بعضهم بعضا في ذكر المعاني التي يشكّلون منها مواضيع قصائدهم، ويتفاوتون في مقدرتهم على إبداع المعاني الجديدة، بتفاوت مواهبهم، وقد اشتهر شعراء كثيرون بمقدرتهم على إبداع المعاني وتوليدها، فقلما نجد شاعرا لم يبدع معنى من المعاني على نحو ما.
وإذا لم يتسنّ للشاعر معنى جديد، فإنه يضع المعنى القديم أو المعروف في قالب جديد، يبدو معه جديدا كل الجدة، أو يعمل عقله في المعنى القديم، ليخرج منه معنى جديدا، عن طريق نقل المعنى من موضوع إلى موضوع، أو عكسه أو الاجتزاء منه أو الاتساع به، أو غير ذلك من التغييرات التي يبدو معها المعنى جديدا.
ومعاني المديح النبوي موزعة على المقدمة وتنوعها، ومديح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمعان مختلفة المصادر، ومعاني الموضوعات الآخرى التي تضاف إلى المدحة النبوية.
وعند حديثنا عن المديح النبوي في عصر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، تبيّن لنا أن الشعراء في البداية لم يستطيعوا الاتساع في الحديث عن مفهوم النبوة في شعرهم، فمدحوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالمعاني التقليدية التي درجوا على استخدامها في مدح سادتهم، وكانت المعاني التقليدية غالبة على هذا المديح، على الرغم من ظهور الأثر الديني في هذا المديح، واستخدام الشعراء لمعان دينية مقتبسة من المفاهيم الدينية والقرآن الكريم.
وقد تابع شعراء المديح النبوي غيرهم في استخدام المعاني التقليدية في التعبير عن موضوعات مدائحهم النبوية، وخاصة في المقدمة التقليدية التي مهّدوا بها لمدح رسول