إن انتشار المدائح النبوية في العصر المملوكي قد ترك أثره في الشعر العربي في ذلك العصر، وقد تبدّى هذا الأثر بوجوه عدة، منها رسوخه غرضا شعريا مستقلا من أغراض الشعر العربي، واحتلاله مساحة واسعة من ساحة الشعر العربي، ومنها تأثيره في أغراض الشعر الآخرى، فقد ترك ظلاله على بعض موضوعات الشعر العربي في بعض قصائدها.
ولشعراء المدائح النبوية رأي في تأثير المدح النبوي في شعرهم، إبداعه وتشكيله، إلى جانب أن بعض الباحثين رأوا أن المدح النبوي قد أطل إطلالة خفيفة على فنون لم تعهد في الشعر العربي.
وقبل أن يضحي المدح النبوي فنا شعريا مستقلا واضح المعالم، رأى الأدباء أن له أثرا في أصحابه، فابن رشيق القيرواني يورد في باب (من رفعهم الشعر) من كتابه (العمدة) حديثا عن حسان بن ثابت يقول فيه: «لم تكن له ماتّة ولا سابقة في الجاهلية والإسلام، وقد بلغ من رضا الله عز وجل ورضا نبيه عليه الصلاة والسلام ما أورثه الجنة»«١» .
وأورد في باب (من قضى له الشعر ومن قضى عليه) عن حسان بن ثابت أيضا قوله: «أنشد حسان بن ثابت حين جاوب أبا سفيان بن الحارث بقوله: