للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلامية، التي تمثّلت في أصحاب المذاهب الأربعة من السنة، والمذاهب الشيعية المختلفة، والفرق الصوفية المتباينة.

وكان من نتيجة هذا الجدل انشغال الناس بأمور العقيدة، وظهور آراء دينية جديدة، فيها شيء من الغرابة، وانقسام الناس بين المذاهب المختلفة، وتعصبهم لمذاهبهم، وتطرف بعض الفرق في آرائها، مستفيدة من الفلسفات الغريبة والأديان المختلفة.

وقد دفع التطرف في آراء بعض الفرق علماء الدين إلى محاربة هذه الانحرافات في العقيدة، وحضوا أصحاب الأمر على التصدي لهؤلاء، فقال السبكي: «من واجب أولياء الأمور، دفع أهل البدع والأهواء، وكف شرهم عن المسلمين» «١» .

وطالب الفقهاء بفرض عقوبات قاسية على من يتعرض للشريعة السمحة بسوء، «ومنها سفك دم من ينتقص جناب سيدنا ومولانا وحبيبنا محمد المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، أو من يسبّه، فإن ذلك مرتد كافر، ذهب كثير من العلماء إلى أن توبته لا تقبل» «٢» .

فهذا الجدل الديني، جعل الشعراء يحصرون اهتمامهم برسول الله في المقام الأول، ويبثونه حبهم وإجلالهم، ويمدحونه بشعر غزير، يتغنّون فيه بشمائله الكريمة ويتشفعون به من ذنوبهم وسوء أحوال الأمة.

والطريف في الجدل الديني آنذاك تباين آراء المسلمين حول وراثة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فالشيعة يرون أن أئمتهم ورثوا رسول الله وخلافته نصا وشرعا، لأنهم آل بيته وأقاربه، والمتصوفة ادعوا وراثتهم الولاية والطريقة عن رسول الله، ومنها استمدوا كراماتهم، وظل خلفاء بني العباس على اعتقادهم بوراثة رسول الله، فقد جاء في مبايعة الخليفة الحاكم بأمر الله: «إن أمير المؤمنين لما أكسبه الله من ميراث النبوة ما كان لجده وآتاه من خاتم الأنبياء ما امتد به أبوه سليمان وتصرف..» «٣» .


(١) السبكي: معيد النعم ص ٣١.
(٢) المصدر نفسه ص ١٣.
(٣) السيوطي: تاريخ الخلفاء ص ١٩٩.

<<  <   >  >>