للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التصوف للحصول على الرزق دون عمل، وللتكاسل عن الكسب، والتواكل، لهذا نجد ابن تيمية ينظم على لسان المتصوفة أبياتا، يسخر فيها من تواكلهم ومجالس ذكرهم، فيقول:

والله ما فقرنا اختيارا ... وإنّما فقرنا اضطرار

جماعة كلّنا كسالى ... وأكلنا ماله عيار

تسمع منّا إذا اجتمعنا ... حقيقة كلّها فشار «١»

وتهكم جوبان القواس «٢» من كلام الصوفية وأفكارهم حول الحلول ووحدة الوجود، فقال على لسان أحدهم:

متّ في عشقي ومعشوقي أنا ... ففؤادي من فراقي في عنا

غبت عنّي فمتى أجمعني ... أنا من وجدي منّي في فنا

أيّها السّامع تدري ما الذي ... قلت والله ولا أدري أنا «٣»

وللصوفية أدب كثير، وشعر غزير، عبروا به عن أفكارهم ومشاعرهم، وأظهروا فيه وجدهم وانفعالاتهم، وكان لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذكر في أدبهم، لأن له مكانة سامية في معتقدهم، فهم يصفونه بالقطب الأكبر لهم، ويذهبون إلى أن أولياءهم هم خلفاؤه، وحملة سنته، لهذا يحمدون الله الذي «أتبع الأنبياء عليهم السلام بالأولياء، يخلفونهم في سننهم، ويحملون أمتهم على طريقتهم وسمتهم» «٤» .


(١) ابن شاكر: فوات الوفيات ١/ ٨٠.
(٢) جوبان القواس: جوبان بن مسعود بن سعد الله الدنيسري، شاعر كان نادرة في الذكاء، له نظم جيد ولم يكن يعرف النحو، توفي في دمشق سنة (٦٨٠ هـ) . ابن شاكر: فوات الوفيات ١/ ٣٠٣.
(٣) ابن شاكر: فوات الوفيات ١/ ٣٠٥.
(٤) السلمي: طبقات الصوفية ص ١.

<<  <   >  >>