للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله وسيرته، عارضا بعض ما يتذكره منها برشاقة لم تعهد عند ناظمي سيرة النبي الكريم، فنراه يتحدث عن دعوة الرسول الأمين وجهاده، بقوله:

وهو يدعو إلى الإله وإن شق ... ق عليه كفر به وازدراء

وتوالت للمصطفى الآية الكب ... رى عليهم والغارة الشّعواء

فإذا ما تلى كتابا من اللّ ... له تلتّه كتيبة خضراء

والقصيدة زاخرة بالتفاصيل التي تدل على معرفة البوصيري بالسيرة وبدقائقها، والتي انتخبها البوصيري ليظهر فيها ما تدل عليه هذه الأحداث من عظمة رسول الله، وليتعظ الناس بهذه السيرة الكريمة، ويشبعوا مشاعرهم الدينية بتذكر المواقف المملوءة بالدلالات، والتي حدثت مع نبيهم المعظم، أو كما قال:

واملأ السّمع من محاسن يملي ... ها عليك الإنشاد والإنشاء «١»

أو كقوله في قصيدة أخرى، داعيا إلى ذكر رسول الله ونشر سيرته ومناقبه:

وانشر أحاديث النّبيّ فكلّ ما ... ترّويه من خبر الحبيب مليح

واذكر مناقبه التي ألفاظها ... ضاق الفضاء بذكرها واللّوح «٢»

ونجد عند البوصيري عرضا رائعا لبعض وقائع السيرة، يضفي عليها مشاعره وأحاسيسه، فجاءت في سياق المدح مندمجة فيه، وليست إيرادا فقط، أو ذكرا مجردا، فقد قال في واقعة الهجرة والغار:

وا غيرتا حين أضحى الغار وهو به ... كمثل قلبي معمور ومأهول


(١) ديوان البوصيري: ص ٥٠.
(٢) المصدر نفسه: ص ١٠٤.

<<  <   >  >>