للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تطلّبت هل من ناصر أو مساعد ... ألوذ به من خوف سوء العواقب

فلست أرى إلّا الحبيب محمّدا ... رسول إله الخلق جمّ المناقب

ملاذ عباد الله ملجأ خوفهم ... إذا جاء يوم فيه شيب الذّوائب «١»

ومن اعتقادهم بجدوى التوسل والتشفع جاء اعتقادهم بالمدائح النبوية كلها، وبتأثيرها على ناظمها وسامعها، فبالإضافة إلى كونها أدبا، غدت عندهم نوعا من أنواع النصوص الدينية التي تجلب تلاوتها المنافع، وغدا إنشادها ضربا من التعبد، فوصفت الباعونية المدح النبوي بقولها: «المدح النبوي شعار أهل الصلاح، وسيما أهل الفلاح، وهو ممّا يتنافس فيه المتنافسون، ويدأب فيه المخلصون، إذ هو من أعظم وسائل النجاح، وسبب لمضاعفة الأرباح» «٢» .

فالباعونية تعد المدح النبوي دليل صلاح المشتغلين به، وهو وسيلة للنجاح والمغفرة في الدنيا والآخرة، كما يوضح المثال الذي جاءت به، وهو بردة البوصيري، فقالت عنها: «المشهورة في مجال التسمية بالبردة، لا بل هي الترياق المجرب لكشف الشدة، التي حكم لها بالسبق، والحق الحق أنها لا تلحق» «٢» .

فهي تشير إلى اعتقاد الناس ببردة البوصيري، التي تشفي من الأمراض، وتفرّج الكروب، وهي تذهب إلى أن تأثير البردة ثابت ومجرب، وهذا عائد إلى قصة نظم.

البردة التي رواها البوصيري، فقد أخبر أن المرض أقعده، ولم يفلح معه دواء، فمدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقصيدته المشهورة، فرآه في المنام، وخلع عليه بردته، فنهض في الصباح، وقد عوفي من مرضه «٣» .


(١) اليمني الشرواني: حديقة الأفراح ص ١٥٧.
(٢) ديوان الباعونية، ورقة ٢١.
(٣) ابن شاكر: فوات الوفيات ٣/ ٣٦٨.

<<  <   >  >>