للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تحصى، وأشهد ألاإله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، الذي شرّف الله به العرب على سائر من سواهم، بفضائل لا تستقصى» «١» .

فالعرب في الدولة المملوكية تحسسوا وجودهم وكيانهم، وعبروا عن ذلك في الثقافة والأدب، متابعين تبرم العرب بالتسلط الأعجمي قبل قيام الدولة المملوكية، فالشريف الرضي كان يجسد في شعره طموح العربي إلى الحرية، ونزعته إلى أن يكون حرّا سيّدا كريما في أرضه، ولذلك جعل الحجاز رمزا لتوقه وخلاصه، وتعبيرا عن نزعته العربية، فقال في إحدى قصائده:

ومن شيم الفتى العربيّ فينا ... وصال البيض والخيل العراب

سقى الله المدينة من محلّ ... لباب الماء والنطف العذاب «٢»

ويظهر أن التشيّع لآل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والإشادة بهم، كانت متنفسا للإشادة بالعرب والعروبة، وكذلك الأمر في الحنين إلى الحجاز وبقاع الجزيرة العربية، فهو حنين إلى بقاع عربية، وإلى زمن عربي بوجه من الوجوه، أو هو تعبير مستتر عن النزعة العربية التي هيّجها شعر الحنين إلى الحجاز ومدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فالتلعفري قال في تشوقه وغزله:

عربيّ لفظ نون حاجبه لها ... من خال وجنة خدّه إعجام «٣»

لقد ذكر دون أن يعي ذلك عناصر عربية في شعره، من الأماكن المقدسة إلى اللفظ العربي إلى الإعجام، وإن كانت الصنعة قد ألزمته بذلك، فإن اللاوعي قد أحضر هذه العناصر إلى ذهنه وأجراها على لسانه، وسواء أكان قاصدا إلى هذا أو لم يكن، فإن


(١) المصدر نفسه ص ٣.
(٢) ديوان الشريف الرضي ١/ ٩١.
(٣) ديوان التلعفري ص ٣٩.

<<  <   >  >>