للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يليق الخطاب اليعربيّ بأهله ... فيهدي الوفا للنّقص والحسن للقبح «١»

إلا أن المعلومات الأهم التي أوردها شعراء المدح النبوي، وأشاعوها بين الناس، هي التي تتعلق بسيرته العطرة، فكثير منهم نظموا السيرة أو نظموا جانبا منها، فعرّفوا الناس بجوانب كثيرة من السيرة النبوية، وأظهروا مواطن العظمة فيها، واستخلصوا العبر منها، ومكّنوا الناس من حفظها واستذكارها، على الرغم من أن هذا الأمر قلّل من نصيب الشعر في مدائحهم، وقرّبها من المنظومات العلمية.

وتحدث مادحو النبي صلّى الله عليه وسلّم في نظمهم للسيرة عن الصحابة الكرام، وأعمالهم وجهادهم، وإنجازاتهم الكبيرة وخدمتهم للإسلام، ونشره، ونصرتهم لنبيّه الأمين، ليعلم بها من كان جاهلا، ويحفظها من كان ناسيا ويقتدي بها أصحاب الأمر، ومن ذلك قول البوصيري:

فلله صدّيق النّبيّ الذي له ... فضائل لم يدرك بعد لها حدّ

ومن جمع القرآن فاجتمعت به ... فضائل منه مثل ما اجتمع الزّبد

ومن لم يعفّر- كرّم الله وجهه- ... جبين لغير الله منه ولا خدّ «٢»

إلا أن شعراء المدح النبوي لم يقصروا اهتمامهم على السيرة فقط، بل أكثروا من ذكر معجزاته، وأفاضوا في ذلك، ظنا منهم أنهم بذلك يصلون في مدحه صلّى الله عليه وسلّم إلى الذروة وأن المدح بمعجزاته لا مزيد عليه، وهم يريدون إضافة إلى ذلك نشر هذه المعجزات وتعريف الناس بها، فنظم المعجزات شعرا يجعلها أيسر حفظا، وتصل إلى جميع الناس، ومن ذلك قول البوصيري:


(١) ديوان البرعي ص ١٣٦.
(٢) ديوان البوصيري: ص ١١٦.

<<  <   >  >>