للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قديما وحديثا من الخوض فيه، وخاصة شعر الصحابة وآل البيت، «لأن الشك يحوم حوله، وأن الأحداث التاريخية وملابسات أخرى أتاحت للخرافة أن تنسج خيوطها حول الصحابة، فحيكت شتى الأساطير.. وقد عظم على الناس أن يكون لهم ذلك البلاء في سبيل الله، ولا يكون لهم في ذلك شعر، فلفّق المتأخرون أشعارا ونسبوها إليهم» «١» .

وأعطى طه حسين مثالا على الشعر المنحول، قصيدة الأعشى التي مدح بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فالأعشى كان مشركا، ولذلك شك الباحثون في شعره الذي يحمل معاني دينية إسلامية لا يعرفها الجاهليون، وخاصة حين يصل الأمر إلى التعابير القرآنية، وهذا مادعا طه حسين إلى القول: «هذه الدالية التي تروى للأعشى في مدح النبي منحولة، نحلها قاص ضعيف الحظ من الشعر، رديء النظم، مهلهل اللفظ، قليل المهارة في النحل ويكفي أن تقرأ هذه القصيدة لترى أنها أسخف ما يضاف إلى الأعشى وأنها، ولا سيما المدح فيها، إلى المتون أقرب منها إلى الشعر الجيد» «٢» .

والأعشى يقول في قصيدته:

نبيّ يرى ما لا ترون وذكره ... أغار لعمري في البلاد وأنجدا

له صدقات ما تغبّ ونائل ... وليس عطاء اليوم مانعه غدا

أجدّك لم تسمع وصاة محمّد ... نبيّ الإله حين أوصى وأشهدا

إذا أنت لم ترحل بزاد من التّقى ... ولا قيت بعد الموت من قد تزوّدا

ندمت على أنّ لا تكون كمثله ... وإنّك لم ترصد لما كان أرصدا «٣»


(١) الجبوري: شعر المخضرمين ص ٥١١.
(٢) حسين طه: من تاريخ الأدب العربي ١/ ٢٤١.
(٣) ديوان الأعشى الكبير: ص ١٧.

<<  <   >  >>