للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأصبح فينا أحمد في أرومة ... تقصّر عنها سورة المتطاول

حليم رشيد عادل غير طائش ... يوالي إليها ليس عنه بغافل «١»

لاحظ الأصمعي في القصيدة متسعا للتّزيّد والإضافة، فالقصيدة تدعو إلى التساؤل، وخاصة حول دواعي هذا المدح، وأبو طالب حينذاك سيد قومه، ولم يكن صلّى الله عليه وسلّم قد عرف قدره حق المعرفة بين الناس، ولذلك فسر ابن أبي الحديد «٢» هذا الأمر بقوله:

«وإن سرا اختص به محمد صلّى الله عليه وسلّم حتى أقام أبا طالب- وحاله مع حاله- مقام المادح له، لسرّ عظيم وخاصيّة شريفة.. وهذا في باب المعجزات عند المنصف، أعظم من انشقاق القمر وانقلاب العصا» «٣» .

ومما يزيد من ظلال الشك التي تحيط شعر ذلك العصر، الشعر الذي نسب إلى الجن والذي كثرت رواياته كثرة مفرطة، حتى ألّفت فيها رسالة (هو اتف الجن) ، التي نقل مؤلفها عن المسعودي «٤» قوله: «فأما الهواتف، فقد كانت كثرت في العرب، واتصلت بديارهم، وكان أكثرها أيام مولد النبي صلّى الله عليه وسلّم وفي أوّلية مبعثه، ومن حكم الهاتف أن يهتف بصوت مسموع وجسم غير مرئي» «٥» .

وقد جمع المؤلف في رسالته هذه ما هتفت به الجن، أو نطقت به الكهان، مبشرة بمبعث رسول الله، وبدأه بقوله:


(١) الحماسة البصرية: ص ١١٨.
(٢) ابن أبي الحديد: عبد الحميد بن هبة الله بن محمد، عالم بالأدب، قدم في الدواوين السلطانية، من تصانيفه (شرح نهج البلاغة) . توفي سنة (٦٥٦ هـ) . ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب ٥/ ٢٨٠.
(٣) ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة ١١/ ١١٦.
(٤) المسعودي: علي بن الحسين بن علي، مؤرخ رحاله، أقام بمصر، من مؤلفاته (مروج الذهب) توفي سنة (٣٤٦ هـ) . ابن شاكر: فوات الوفيات: ٣/ ١٢.
(٥) ابن سهل الخرائطي: رسالة هواتف الجن ص ١٣٤.

<<  <   >  >>