للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لمعاني الكميت، فقال: «ظاهر الخطاب للنبي عليه السلام، والمقصود أهل بيته عليهم السلام، لأن أحدا من المسلمين لا يمتنع من تفضيله عليه السلام والإطناب في وصف فضائله ومناقبه ولا يعنفّ في ذلك أحد، وإنما أراد الكميت، وإن أكثر في أهل بيته وذويه عليهم السلام الضجاج واللجب والتعنيف، فوّجه القول إليه والمراد منه» «١» .

فالشريف المرتضى أوّل كلام الكميت على عادة المتأوّلة من الشيعة، وصرف مديحه للنبي الكريم إلى مديح آل بيته، وفي هذا تخريج لكلام الكميت، وإيضاح لمقاصده، وإخراجه من الخطأ، وفيه انتصار لآل البيت الذين ينتمي المرتضى إليهم.

وتابعه في هذا التأويل صاحب كتاب تأويل مشكل القرآن، فقال: «فورّى عن ذكرهم به، وأراد بالعائبين بني أمية، وليس يجوز أن يكون هذا للنبي صلّى الله عليه وسلّم.. ومن ذا يساوى به ويفضل عليه «٢» .

«وإن الشعراء ليمدحون الرجل من أواسط الناس، فيفرطون ويفرّطون، فيغلون، وما يرفع الناس إليهم العيون، ولا يرتقبون، فكيف يلام هذا على الاقتصاد في مدح من الإفراط في مدحه غير تفريط، ولكنه أراد أهل بيته» «٣» .

وتابع المصنفون هذا الجدل، فمنهم من رأى رأي الجاحظ، ومنهم من أخذ بقول الشريف المرتضى، دون أن يضيفوا إلى هذا الجدل شيئا، فللجاحظ فضل السبق والتنبيه، وهو الحريص على سلامة أداء المعاني وبلاغتها، وربما كان الشريف المرتضى على صواب، وسواء قصد الكميت ما ذهب إليه الشريف المرتضى، أو أنه قصّر في التعبير فإن إثارة هذا الجدل لفت الأنظار إلى فن المديح، وإلى ضرورة الحرص في أداء معانيه.

وأخذ الجاحظ على الكميت أيضا تقصيره، في قوله:


(١) أمالي المرتضى: ٢/ ٨٠.
(٢) ابن قتيبة: تأويل مشكل القرآن ٢٧١.
(٣) المصدر نفسه: ص ٢٧٢.

<<  <   >  >>