للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله صلّى الله عليه وسلم بحصياته، فما زلت أرى حدهم كليلا «١» وأمرهم مدبرا؛ حتّى هزمهم الله!! قال: وكأنّى أنظر إلى النبىّ صلّى الله عليه وسلم، يركض خلفهم على بغلته» «٢» .

[١١٥] روى أبو داود والنّسائى، عن عبد الله بن زرير الغافقى المصرى، عن على- رضى الله عنه- قال: «أهديت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم بغلة فركبها. فقالوا: لو حملنا الحمير على الخيل لكان لنا مثل هذه.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون» «٣» .

قال ابن حبان معناه: الذين لا يعلمون النهى عنه*.

[١١٦] عن عبد الله بن أبى أوفى، وكان من أصحاب الشجرة، فماتت ابنة له، وكان يتبع جنازتها على بغلة، فجعل النساء يبكين، فقال:

لا ترثين، فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلم نهى عن المراثى، فتفيض إحداكن من عبراتها ما شاءت، ثم كبّر عليها أربعا، ثم قام بعد الرابعة قدر ما بين التكبيرتين يدعو، ثم قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يصنع فى الجنازة هكذا «٤» .


(١) كلّ السيف يكلّ كلالا فهو كليل إذا لم يقطع، وهذا كناية عن ضعف قوتهم ومقاومتهم.
(٢) حديث صحيح رواه مسلم فى صحيحه، كتاب الجهاد (٧٦) ، وأحمد فى المسند (١/ ٢٠٧) ، وانظر «الفتح الربانى» (١/ ١٦٩) للساعاتى.
(٣) رواه أبو داود فى سننه- كتاب الجهاد حديث (٢٥٦٥) ، وأحمد (١/ ٧٨) .
* قال الخطابى: يشبه أن يكون المعنى فى ذلك- والله أعلم- أن الحمير إذا حملت على الخيل تعطلت منافع الخيل، وقل عددها، وانقطع نماؤها. والخيل يحتاج إليها للركوب والعدو والطلب والركض، وعليها يجاهد العدو، وبها تحرز الغنائم، ولحمها مأكول، ويسهم للفرس كما يسهم للرجل. وليس للبغل شىء من هذه الفضائل، فأحب النبى صلّى الله عليه وسلم أن ينمو عدد الخيل، ويكثر نسلها لما فيها من النفع والصلاح. فإذا كانت الفحول خيلا والأمهات حميرا، فيحتمل ألا يكون داخلا فى النهى، إلا أن يتأول متأول أن المراد بالحديث صيانة الخيل عن مزاوجة الحمير، وكراهة اختلاط مائها بمائها؛ لئلا يكون منها الحيوان المركب من نوعين مختلفين، فإن أكثر الحيوانات المركبة من نوعين من الحيوان أخبث طبعا من أصولها التى تتولد منها، وأشد شراسة.
(٤) رراه أحمد فى مسنده ٤/ ٣٥٦.

<<  <   >  >>