للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خارجة- والربيع الجدول- «١» فاحتفزت «٢» كما يحتفز الثعلب فدخلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: «أبو هريرة؟» فقلت: نعم يا رسول الله، فقال: ما شأنك؟ فقمت: كنت بين أظهرنا فقمت فأبطأت علينا، فخشينا أن تقتطع دوننا ففزعنا، فكنت أوّل من فزع، فأتيت هذا الحائط فاحتفزت كما يحتفز الثعلب، وهؤلاء الناس ورائى!! فقال: يا أبا هريرة- وأعطانى نعليه، وقال: اذهب بنعلى هاتين، فمن لقيت من وراء هذا الحائط «٣» يشهد ألاإله إلا الله مستيقنا بها قلبه- فبشره بالجنّة» . فكان أوّل من لقيت عمر فقال: ما هاتان النعلان يا أبا هريرة؟ فقلت: هاتان نعلا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعثنى بهما من لقيت يشهد ألاإله إلا الله مستيقنا بها قلبه بشرته بالجنة. قال: فضرب عمر بيده بين ثديىّ «٤» فخررت لاستى «٥» فقال: ارجع يا أبا هريرة فرجعت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأجهشت «٦» بكاء وركبنى عمر «٧» فإذا هو على أثرى فقال لى رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «مالك يا أبا هريرة؟» قلت: لقيت عمر فأخبرته بالذى بعثتنى به، فضرب بين ثديىّ ضربة خررت لاستى فقال: ارجع. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: يا عمر ما حملك على ما فعلت؟

قال: يا رسول الله بأبى أنت وأمى «٨» ، أبعثت أبا هريرة بنعليك من لقى يشهد ألاإله إلا الله مستيقنا بها قلبه بشّره بالجنة؟ قال: نعم. قال:


(١) الجدول: هو النهر الصغير.
(٢) احتفز: تحفز فى جلسته: انتصب فيها غير مطمئن وتضامّ وتجمع. واحتفز فى مشيه: جد وأسرع، وللأمر تهيأ للمضى فيه واستعد، والمراد: تضاممت ليسعنى المدخل.
(٣) الحائط: البستان.
(٤) أى فى منتصف صدرى.
(٥) فخررت لاستى: وقعت على ظهرى من شدة الضربة، والاست الدبر.
(٦) أجهشت. يقال: أجهش: هم بالبكاء.
(٧) ركبنى عمر: أى تبعنى ومشى خلفى.
(٨) أى أفديك بأبى وأمى.

<<  <   >  >>