للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سفرنا مررنا بذلك المكان فعرضت لنا المرأة معها صبيها، ومعها كبشان تسوقهما، فقالت: يا رسول الله: اقبل منى هديته فو الذى بعثك بالحق ما عاد إليه بعد، فقال: «خذوا منها واحدا وردوا عليها الاخر» قال:

ثم سرنا ورسول الله صلّى الله عليه وسلم بيننا كأنما علينا الطير تظلنا، فإذا جمل نادّ حتى إذا كان بين سماطين «١» خر ساجدا، فجلس رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقال على الناس: «من صاحب الجمل؟» فإذا فتية من الأنصار قالوا: هو لنا يا رسول الله. قال: «فما شأنه؟» قالوا: استنينا عليه «٢» منذ عشرين سنة، وكانت به شحيمة، فأردنا أن ننحره فنقسمه بين غلماننا، فانفلت منا. قال: «بيعونيه» ، قالوا: بل هو لك يا رسول الله. قال: «أما لى فأحسنوا إليه حتى يأتيه أجله» . قال المسلمون عند ذلك: يا رسول الله نحن أحق بالسجود لك من البهائم، قال: «لا ينبغى لشىء أن يسجد لشىء، ولو كان ذلك كان النساء لأزواجهن» «٣» .

[١٦٧] عن عبد الله بن جعفر قال: أردفنى «٤» رسول الله صلّى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم، فأسرّ إلىّ حديثا لا أحدث به أحدا من الناس، وكان أحب ما استتر به رسول الله صلّى الله عليه وسلم لحاجته هدفا أو حائش نخل، قال:

فدخل حائطا لرجل من الأنصار فإذا جمل فلما رأى النبى صلّى الله عليه وسلم حنّ


(١) السماط: أى النخل، أى أن الجمل قد سجد بين نخلتين.
(٢) استنينا عليه: أى استعملناه مدة عشرين عاما لسقية الماء، وعندما سمن وملأه الشحم وعجز عن السقاية أردنا ذبحه.
(٣) حديث ضعيف.. رواه الدارمى فى مقدمة السنن (١٧) ١/ ٢٢- ٢٣ من طريق أبى الزبير عن جابر، وذكره الهيثمى فى المجمع ٩/ ٨- ٩ وقال: «رواه الطبرانى فى الأوسط والبزار باختصار، وفيه عبد الحميد بن سفيان، ذكره ابن أبى حاتم ولم يجرحه أحد وبقية رجاله ثقات» اهـ. (قلت) : نعم رجاله ثقات، ولكن أبا الزبير كثير التدليس عن جابر، وقد عنعنه، فهو علته. فائدة: فى الحديث دلالة على نبوته صلّى الله عليه وسلم وإيمان الحيوانات به وسجودها له، ودلالة على عدم جواز سجود الإنسان لغير الله تعالى، وكذا عظم حق الرجال على النساء.
(٤) أردفنى خلفه: أى أركبنى خلفه.

<<  <   >  >>