قال أبو دجانة- رضى الله عنه- فأخذت الكتاب، وأدرجته، وحملته إلى دارى، وجعلته تحت رأسى، فبت ليلتى، فما انتبهت إلا من صراخ صارخ يقول: يا أبا دجانة؛ أحرقتنا بهذه الكلمات، فبحق صاحبك إلا ما رفعت عنا هذه الكلمات، فلا عود لنا فى دارك، ولا فى جوارك، ولا فى موضع يكون فيه هذا الكتاب.
قال أبو دجانة: فقلت: والله لا أرفعه حتى أستأذن رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
قال أبو دجانة: فلقد طالت ليلتى بما سمعت من أنين الجن، وصراخهم وبكائهم حتى أصبحت! فغدوت فصليت الصبح مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأخبرته بما سمعت من الجن ليلتى، وما قلت لهم؛ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:
«يا أبا دجانة؛ ارفع عن القوم؛ فو الذى بعثنى بالحق نبيا إنهم ليجدون ألم العذاب إلى يوم القيامة»«١» .
[٥٧١] روى الطبرانى فى معجمه الكبير، والحافظ ابن منير الحلبى وغيرهما عن قتادة بن النعمان قال: كانت ليلة شديدة الظلمة والمطر، فقلت: لو أنى اغتنمت الليلة شهود العتمة مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ففعلت، فلما رانى قال صلّى الله عليه وسلم:«قتادة؟!» قلت: لبيك يا رسول الله! ثم قلت:
علمت أن شاهد الصلاة فى هذه الليلة قليل، فأحببت أن أشهدها معك.
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:«إذا انصرفت فائتنى» فلما فرغت من الصلاة، أتيت إليه، فأعطانى عرجونا كان فى يده، وقال:«هذا يضئ أمامك عشرا ومن خلفك عشرا» ثم قال صلّى الله عليه وسلم: «إن الشيطان قد خلفك فى أهلك، فاذهب بهذا العرجون، فاستضئ به حتى تأتى بيتك، فتجده فى زاوية البيت، فاضربه بالعرجون» .
(١) قال البيهقى: وقد ورد فى «حرز» أبى دجانة- رضى الله عنه- حديث طويل غير هذا «موضوع» لا تحل روايته. والحديث فى «دلائل النبوة» للبيهقى (٧/ ١١٩) وانظر أيضا فى «الموضوعات» لابن الجوزى (٣/ ١٦٩) .