إلا جروا واحدا إذا مضت عليه ستة أشهر كلف الاكتساب لنفسه بالتعليم والتدريب.
وللأسد من الصبر على الجوع وقلة الحاجة إلى الماء ما ليس لغيره من السباع.
ومن شرف نفسه أنه لا يأكل من فريسة غيره؛ فإذا شبع من فريسته تركها ولم يعد إليها.
وإذا جاع ساءت أخلاقه، وإذا امتلأ من الطعام ارتاض، ولا يشرب من ماء ولغ فيه كلب (شرب ما فيه بأطراف لسانه) .
وإذا أكل نهس (أخذ اللحم بمقدم أسنانه) من غير مضغ، وريقه قليل جدّا؛ ولذا يوصف بالبخر (النتن فى الفم) .
ومن العجيب أنه يوصف بالشجاعة والجبن معا، فمن جبنه أنه يفزع من صوت الديك، ونقر الطشت، ومن السّنّور، ويتحير عند رؤية النار.
وهو شديد البطش، ولا يألف شيئا من السباع، لأنه لا يرى فيها ما يكافئه.
ويعمّر كثيرا، وعلامة كبره سقوط أسنانه.
والأسد أشد فصيلته قوة لا يضارعه فى ذلك إلا الببر ولا يعرض للناس إلا بعد أن يهرم فيعجز عن صيد الوحش، ولا يطلب فريسته إلا إذا جاع، فإذا شبع انصرف عنها، ولذا قيل عنه: إنه من الحيوانات الشريفة ذوات الرياسة.
وزعم محمد بن الجهم- كما يقول الجاحظ- أن العيون التى تضئ بالليل كأنها مصابيح هى عيون الأسد، والنمور، والسنانير، والأفاعى.
وزئيره يرهب كثيرا من الحيوان الذى هو أعظم منه جسما وقوة، وللأسد ثلاث طبائع:
الأولى: أنه إذا مشى فشم ريح الصيادين عفّى على اثاره بذنبه لكيلا يتبعه الصيادون، ويصلوا إلى عرينه فيتصيدوه.
والثانية: أن اللبؤة تلد شبلها- أشبه بالميت- فلا تزال تحرسه حتى يأتى أبوه فى اليوم الثالث فينفخ فى منخره فيتحرك!