لا يعلم فيسلم ولا يعضّ في العلم بضرس قاطع، يذرو الرواية ذرو الريح الهشيم، تبكي منه الدماء وتصرخ منه المواريث ويستحلّ بقضائه الفرج الحرام. لا مليء والله بإصدار ما ورد عليه ولا أهل لما قرّظ به» .
قال ابن شبرمة «١» : [كامل]
ما في القضاء شفاعة لمخاصم ... عند اللبيب ولا الفقيه الحاكم
أهون عليّ إذا قضيت بسنّة ... أو بالكتاب برغم أنف الراغم
وقضيت فيما لم أجد أثرا به ... بنظائر معروفة ومعالم
الهيثم عن ابن عيّاش عن الشّعبي قال: كان أوّل قاض قضى لعمر بن الخطاب بالعراق سلمان بن ربيعة الباهلي، ثم شهد القادسية وكان قاضيا بها، ثم قضى بالمدائن، ثم عزله عمر واستقضى شرحبيل على المدائن، ثم عزله واستقضى أبا قرّة الكندي فاختطّ الناس الكوفة وقاضيهم أبو قرّة. ثم استقضى شريح بن الحارث الكندي «٢» فقضى خمسا وسبعين سنة إلا أن زيادا أخرجه مرة إلى البصرة واستقضى مكانه مسروق بن الأجدع سنة حتى قدم شريح فأعاده ولم يزل قاضيا حتى أدرك الفتنة في زمن ابن الزبير فقعد ولم يقض في الفتنة. فاستقضى عبد الله بن الزبير رجلا مكانه ثلاث سنين فلما قتل ابن الزبير أعيد شريح على القضاء فلقي رجل شريحا في الطريق فقال: يا أبا أمية، قضيت والله بجور، قال: وكيف ذاك؟ ويحك! قال: كبرت سنّك واختلط عقلك وارتشى ابنك، فقال شريح: لا جرم، لا يقولها أحد بعدك.