أداوي أدواءكم بالسيف ما اكتفيت بالسّوط، ولا أبلغ السوط ما كفتني الدّرّة «١» ، ولا أبطىء عن الأولى إن لم تصلحوا عن الأخرى، ناجزا يناجز، ومن حذّر كمن بشّر فدعوا قال ويقول من قبل أن يقال فعل ويفعل؛ فإن هذا اليوم ليس فيه عقاب، ولا بعده عتاب.
خطبة «٢» لعبد الله بن الزّبير
خطب عبد الله بن الزّبير حين قتل أخوه مصعب «٣» فقال:
الحمد لله الذي يعزّ من يشاء ويذلّ من يشاء. إنه لن يذلّ من كان الحقّ معه وإن كان فردا، ولن يعزّ من كان أولياء الشيطان حزبه وإن كان معه الأنام.
أتانا خبر من قبل العراق أجزعنا وأفرحنا: قتل مصعب رحمه الله. فأما الذي أحزننا من ذلك فإنّ لفراق الحميم لذعة يجدها حميمه عند المصيبة به ثم يرعوي بعدها ذوو الرأي إلى جميل الصبر وكريم العزاء. وأما الذي أفرحنا من ذلك فعلمنا أنّ قتله شهادة، وأن ذلك لنا وله الخيرة. ألا إن أهل العراق أهل الشقاق والنفاق باعوه بأقلّ ثمن كانوا يأخذونه به. إنا والله ما نموت حبجا «٤» ولا نموت إلا قتلا، قعصا «٥» بالرماح تحت ظلال السيوف، ليس كما تموت بنو مروان؛