نادّ «١» ، وخائف منقمع «٢» ، وساكت مكعوم «٣» ، وداع مخلص، وموجع ثكلان، قد أخملتهم التقيّة، وشملتهم الذّلّة، فهم في بحر أجاج «٤» ، أفواههم ضامرة، وقلوبهم قرحة، قد وعظوا حتى ملّوا، وقهروا حتى ذلّوا، وقتلوا حتى قلّوا.
فلتكن الدنيا في أعينكم أصغر من حثالة القرظ وقراضة «٥» الجلم، واتّعظوا بمن كان قبلكم قبل أن يتّعظ بكم من بعدكم، وارفضوها ذميمة، فإنها قد رفضت من كان أشغف بها منكم.
خطبة «٦» ليزيد بن معاوية بعد موت معاوية
خطب فقال: إن معاوية كان حبلا من حبال الله، مدّه ما شاء أن يمدّه، ثم قطعه حين شاء أن يقطعه؛ وكان دون من قبله وهو خير ممن بعده، ولا أزكّيه عند ربه، وقد صار إليه فإن يعف عنه فبرحمته، وإن يعاقبه فبذنبه، وقد وليت الأمر بعده، ولست أعتذر من جهل ولا أشتغل بطلب علم. وعلى رسلكم «٧» ! إذا كره الله أمرا غيرّه.