للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكن له ولآبائه الراشدين عند من مضى لنا ومن غيرنا إلا ما ورد من صنوف كرامته وأياديه ولطيف ألفاظه ومخاطبته، لكان في ذلك ما يحسّن الشكر ويستفرغ المجهود» .

[التلطف في مسألة العفو]

قال كسر ليوشت «١» المغنيّ وقد قتل فهلوذ «٢» حين فاقه وكان تلميذه:

«كنت أستريح منه إليك ومنك إليه فأذهب شطر تمتّعي حسدك ونغل صدرك» ثم أمر أن يلقى تحت أرجل الفيلة فقال: أيها الملك، إذا قتلت أنا شطر طربك وأبطلته وقتلت أنت شطره الآخر وأبطلته، أليس تكون جنايتك على طربك كجنايتي عليه؟ قال كسرى: دعوه، ما دلّه على هذا الكلام إلا ما جعل له من طول المدّة.

وفي العفو أيضا: قال رجل للمنصور: «الانتقام عدل والتجاوز فضل ونحن نعيذ أمير المؤمنين بالله من أن يرضى لنفسه بأوكس النصيبين دون أن يبلغ أرفع الدرجتين» .

وفي العفو: جلس الحجاج يقتل أصحاب عبد الرحمن، فقام إليه رجل منهم فقال: أيها الأمير، إنّ لي عليك حقا. قال: وما حقك عليّ؟ قال: سبّك عبد الرحمن يوما فرددت عنك. قال: ومن يعلم ذاك؟ فقال الرجل: أنشد الله رجلا سمع ذاك إلا شهد به. فقام رجل من الأسرى فقال: قد كان ذاك أيها الأمير. فقال: خلّوا عنه. ثم قال للشاهد: فما منعك أن تنكر كما أنكر؟ قال:

لقديم بغضي إياك. قال: ويخلّى هذا لصدقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>