على كلّ شيء، وما استنبط الصواب مثل المشاورة، ولا حصّنت النّعم بمثل المواساة، ولا اكتسبت البغضة بمثل الكبر.
[باب مدح الرجل نفسه وغيره]
قال الله عزّ وجلّ حكاية عن يوسف: اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ
«١» . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أنا سيد ولد آدم ولا فخر» . وقال للأنصار:«والله ما علمتكم إلّا تقلّون عند الطمع وتكثرون عند الفزع» . وذكر أعرابيّ قوما فقال: والله ما نالوا بأطراف أناملهم شيئا إلا وقد وطئناه بأخامص أقدامنا، وإنّ أقصى مناهم لأدنى فعالنا. ابن إدريس عن إسمعيل بن أبي خالد، قال: كنت أمشي مع الشّعبيّ وأبي سلمة، فسأل الشّعبيّ أبا سلمة: من أعلم أهل المدينة؟ فقال: الذي يمشي بينكما، يعني نفسه. وقال الشّعبيّ: ما رأيت مثلي، وما أشاء أن ألقى رجلا أعلم منّي بشيء إلا لقيته. قال معاوية لرجل: من سيّد قومك؟ قال: أنا. قال: لو كنت كذلك لم تقل. الوليد بن مسلم عن خليد عن الحسن قال: ذمّ الرجل نفسه في العلانية مدح لها في السرّ. كان يقال: من أظهر عيب نفسه فقد زكّاها. الأعمش عن إبراهيم عن عبد الله قال: إذا أثنيت على الرجل بما فيه في وجهه لم تزكّه. قال عمر بن الخطاب:
المدح ذبح. ويقال المدح وافد الكبر. وقال عليّ بن الحسين: لا يقول رجل في رجل من الخير ما لا يعلم إلا أوشك أن يقول فيه من الشرّ ما لا يعلم، ولا يصطحب اثنان على غير طاعة الله إلا أوشكا أن يفترقا على غير طاعة الله.
قال وهب بن منبّه: إذا سمعت الرجل يقول فيك من الخير ما ليس فيك فلا.