ومن هوى يومئذ فقد خاب. الخير كلّه في الجنّة، والشرّ كله في النار.
وفي خطبة «١» المأمون يوم الفطر بعد التكبير الأوّل:
إنّ يومكم هذا يوم عيد وسنّة وابتهال ورغبة، يوم ختم الله به صيام شهر رمضان وافتتح به حجّ بيته الحرام، فجعله خاتمة الشهر وأوّل أيام شهور الحجّ، وجعله معقّبا لمفروض صيامكم ومتنفّل قيامكم، أحلّ فيه الطعام لكم وحرّم فيه الصيام عليكم؛ فاطلبوا إلى الله حوائجكم واستغفروه لتفريطكم، فإنه يقال، لا كبير مع استغفار، ولا صغير مع إصرار. ثم التكبير والتحميد وذكر النبيّ عليه السلام والوصيّة بالتقوى. ثم قال: فاتقوا الله عباد الله وبادروا الأمر الذي اعتدل فيه يقينكم، لم يحتضر «٢» الشكّ فيه أحدا منكم، وهو الموت المكتوب عليكم، فإنه لا تستقل بعده عثرة، ولا تحظر قبله توبة.
واعملوا أنه لا شيء قبله إلا دونه ولا شيء بعده إلا فوقه. ولا يعين على جزعه وعلزه «٣» وكربه، ولا يعين على القبر وظلمته وضيقه ووحشته وهول مطلعه ومسألة ملائكته، إلا العمل الصالح الذي أمر الله به. فمن زلّت عند الموت قدمه، فقد ظهرت ندامته، وفاتته استقالته، ودعا من الرّجعة إلى ما لا يجاب إليه، وبذل من الفدية ما لا يقبل منه. فالله الله عباد الله! وكونوا قوما سألوا الرّجعة فأعطوها إذ منعها الذين حذّركم الله، واتّقوا اليوم الذي يجمعكم الله فيه لوضع موازينكم، ونشر صحفكم الحافظة لأعمالكم. فلينظر عبد ما يضع في ميزانه مما يثقل به، وما يملّ «٤» في صحيفته الحافظة لما عليه وله؛