وكان السّنديّ بن شاهك لا يستحلف المكاري ولا الحائك ولا الملّاح ويجعل القول قول المدّعي مع يمينه، ويقول: اللهمّ، إني أستخيرك في الجمّال ومعلّم الصبيان.
وقال أبو البيداء: سمعت شيخا من الأعراب يقول: نحن بالبادية لا نقبل شهادة العبد ولا شهادة العذيوط «١» ولا المغذّى ببوله. قال أبو البيداء:
فضحكت والله حتى كدت أبول في ثوبي.
وقيل لعبيد الله بن الحسن العنبري: أتجيز شهادة رجل عفيف تقيّ أحمق؟ قال: لا، وسأريكم. أدعوا لي أبا مودود حاجبي، فلما جاء قال له:
أخرح حتى تنظر ما الريح؟ فخرج ثم رجع فقال: شمال يشوبها شيء من الجنوب. فقال: أتروني كنت مجيزا شهادة مثل هذا؟.
قال الأعمش: قال لي محارب بن دثار «٢» : وليت القضاء فبكى أهلي وعزلت عنه فبكوا، فما أدري مم ذاك؟ فقلت له: وليت القضاء فكرهته وجزعت منه فبكى أهلك، وعزلت عنه فكرهت العزل وجزعت منه فبكى أهلك. فقال: إنه لكما قلت.
قدم إياس بن معاوية الشام وهو غلام فقدّم خصما له إلى قاض لعبد الملك بن مروان وكان خصمه شيخا كبيرا. فقال له القاضي: أتقدّم شيخا كبيرا؟ فقاله إياس: الحق أكبر منه. قال: اسكت. قال: فمن ينطق بحجتي؟
قال: ما أظنك تقول حقا حتى تقوم. قال: أشهد أن لا إله إلا الله. فقام القاضي فدخل على عبد الملك فأخبره بالخبر فقال: اقض حاجته وأخرجه من الشام لا يفسد عليّ الناس.