العرمض والظلّ يفيء عليه فشربوا منه ريّهم وسقوا وحملوا حتى بلغوا الماء، فأتوا النبي، صلى الله عليه وسلم، فأخبروه وقالوا: يا رسول الله، أحيانا بيتان من شعر امرىء القيس قال:«ذاك رجل مذكور في الدنيا شريف فيها منسي في الآخرة خامل فيها، يجيء يوم القيامة معه لواء الشعراء يقودهم إلى النار» .
حدّثني عبد الرحمن بن عبد الله بن قريب عن عمه الأصمعي عن رجل من بني سليم أن رفقة ماتت من العطش بالشّجي، فقال الحجاج: إني أظنهم قد دعوا الله حين بلغهم الجهد فاحفروا في مكانهم الذي ماتوا فيه لعل الله يسقي الناس. فقال رجل من جلسائه: أيها الأمير، قد قال الشاعر:[طويل]
تراءت له بين اللّوى وعنيزة ... وبين الشّجى مما أحال على الوادي «١»
والله ما تراءت له إلا وهي على ماء. فأمر الحجاج عبيدة السلمي أن يحفر بالشجى بئرا فحفر فأنبط «٢» ، ويقال: إنه لم يمت قوم قطّ عطشا إلا وهم على ماء.