فقيل له: مدّ عنقك، فقال: إن ذلك لدم ما كنت لأعين عليه. فقدّم فضربت عنقه. وكان معاوية بعث رجلا يقال له هدبة لقتلهم، وكان أعور، فنظر إليه رجل من خثعم فقال: إن صدقت الطّيرة قتل نصفنا، فلما قتل سبعة بعث معاوية رسولا آخر بعافيتهم فلم يقتل الباقون.
خرج كثيّر عزّة «١» إلى مصر يريد عزّة، فلقيه أعرابيّ من نهد فقال: يا أبا صخر، أين تريد؟ فقال: أريد عزّة بمصر. قال: فهل رأيت في وجهك شيئا؟
قال: لا إلا أني رأيت غرابا ساقطا فوق بانة ينتّف ريشه. فقال له: توافي مصر وقد ماتت عزة. فانتهره كثيّر ثم مضى فوافى مصر والناس ينصرفون عن جنازة عزة، فقال:[طويل]
فما أعيف النّهديّ لا درّ درّه ... وأزجره للطير لا عزّ ناصره
رأيت غرابا ساقطا فوق بانة ... ينتّف أعلى ريشه ويطايره
فأما غراب فاغتراب ووحشة ... وبان فبين من حبيب تعاشره
وهوي بعد عزّة امرأة من قومه يقال لها: أمّ الحويرث. فخطبها فأبت وقالت: لا مال لك، ولكن اخرج فاطلب فإني حابسة نفسي عليك. فخرج يريد بعض بني مخزوم، فبينا هو يسير عنّ له ظبي فكره ذلك ومضى فإذا هو بغراب يحثوا التراب على وجهه فكرهه وتطيّر منه، فانتهى إلى بطن من الأزد يقال لهم بنو لهب، فقال: أفيكم زاجر؟ قالوا: نعم، فأرشدوه إلى شيخ منهم فأتاه فقصّ عليه القصة، فقال: قد ماتت أو خلف عليها رجل من بني عمها.