للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسك قبلا. ثم قلت: والله ما رأيت أعرابيا قطّ أشدّ ضرسا ولا أعدى رجلا ولا أرمى يدا ولا أكرم عفوا ولا أسخى نفسا منك.

وقرأت في كتاب سير العجم أن بهرام جور خرج ذات يوم إلى الصيد ومعه جارية له فعرضت له ظباء، فقال للجارية: في أيّ موضع تريدين أن أضع السهم من الوحش؟ فقالت أريد أن تشبّه ذكرانها بالإناث وإناثها بالذكران، فرمى تيسا من الظّباء بنشّابة ذات شعبتين فاقتلع قرنيه ورمى عنزا منها بنشّابتين فأثبتهما في موضع القرنين. ثم سألته أن يجمع أذن الظبي وظلفه بنشّابة واحدة فرمى أصل أذن الظبي ببندقة فلما أهوى بيده إلى أذنه ليحتكّ رماه بنشّابة فوصل ظلفه بأذنه ثم أهوى إلى القينة فضرب بها الأرض وقال: شدّ ما اشتططت عليّ وأردت إظهار عجزي!.

وقرأت في كتبهم أن كسرى استعمل قرابة له على اليمن يقال له المروزان، فأقام بها حينا ثم خالفه أهل المصانع- والمصانع جبل باليمن ممتنع طويل ووراءه جبل آخر بينهما فصل إلا أنه متقارب ما بينهما- فسار إليهم المروزان فنظر إلى جبل لا يطمع أحد أن يدخله إلا من باب واحد يمنع ذلك الباب رجل واحد. فلما رأى أن لا سبيل إليهم صعد الجبل الذي هو وراء المصانع من حيث يحاذي حصنهم فنظر إلى أضيق مكان فيه تحته هواء لا يقدر قدره، فلم ير شيئا أقرب إلى افتتاح ذلك الحصن من ذلك الجبل، فأمر أصحابه أن يقوموا به صفّين ثم يصيحوا به صيحة واحدة ثم ضرب فرسه حتى إذا استجمع حضرا رمى به أمام الحصن وصاح به أصحابه فوثب الفرس الوادي فإذا هو على رأس الحصن، فلما نظرت إليه حمير قالوا: هذا أيم.

والأيم بالحميرية شيطان، فانتهرهم بالفارسية وأمرهم أن يربط بعضهم بعضا ففعلوا واستنزلهم من حصنهم فقتل طائفة وسبى طائفة وكتب بما كان منه إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>