له: إئت قومي فقل لهم: إن الشجر قد أورق وإن النساء قد اشتكت. ثم قال له: أتعقل ما أقول لك؟ قال: نعم أعقل. قال: فما هذا؟ وأشار بيده. قال:
هذا الليل. قال: أراك تعقل. إنطلق لأهلي فقل لهم: عرّوا جملي الأصهب واركبوا ناقتي الحمراء وسلوا حارثا عن أمري. فأتاهم الرسول فأخبرهم، فأرسلوا إلى حارث فقصّ عليه القصة، فلما خلا معهم قال لهم: أمّا قوله:
«إن الشجر قد أورق» فإنه يريد أن القوم قد تسلّحوا. وقوله:«إن النساء قد اشتكت» فإنه يريد أنها قد اتخذت الشّكاء «١» للغزو، وهي أسقية، ويقال للسقاء الصغير شكوة. وقوله:«هذا الليل» يريد أنهم يأتونكم مثل الليل أو في الليل. وقوله:«عرّوا جملي الأصهب» يريد ارتحلوا عن الصّمّان. وقوله:
«اركبوا ناقتي الحمراء» يريد اركبوا الدّهناء. قال: فلما قال لهم ذلك تحوّلوا من مكانهم، فأتاهم القوم فلم يجدوا منهم أحدا.
أرسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عبد الله بن عباس لما قدم البصرة فقال: ائت الزبير ولا تأت طلحة فإنّ الزبير ألين وأنت تجد طلحة كالثور عاقصا قرنه، يركب الصعوبة ويقول هي أسهل، فأقرئه السلام وقل له يقول لك ابن خالك: عرفتني بالحجاز وأنكرتني بالعراق، فما عدا ممّا بدا؟
قال ابن عباس: فأتيته فأبلغته. فقال قل له: بيننا وبينك عهد خليفة ودم خليفة، واجتماع ثلاثة وانفراد واحد، وأمّ مبرورة، ومشاورة العشرة، ونشر المصاحف، نحلّ ما أحللت ونحرّم ما حرمت.
الهيثم بن عدي قال: مرّ شبيب الخارجي على غلام في الفرات يستنقع في الماء فقال له شبيب: أخرج إليّ أسائلك. قال: فأنا آمن حتى ألبس ثوبي؟ قال: نعم. قال: فوالله لا ألبسه.