للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدّهر بثلمه ونقضه، ثمّ هو بين سلطان يرعاه، وحقوق تسترثيه، وأكفاء يتنافسونه، وولد يودّون فراقه، قد بعث عليه الغنى من سلطانه العناء، ومن أكفائه الحسد، ومن أعدائه البغي، ومن ذوي الحقوق الذمّ، ومن الولد الملامة، لا كذي البلغة قنع فدام له السرور، ورفض الدنيا فسلم له الجسد، ورضي بالكفاف فتنكّبته الحقوق. ضجر أعرابيّ بكثرة العيال والولد مع الفقر وبلغه أنّ الوباء بخيبر شديد فخرج إليها بعياله يعرّضهم للموت، وأنشأ يقول:

[رجز]

قلت لحمىّ خيبر استعدّي ... هاك عيالي واجهدي وجدّي

وباكري بصالب وورد ... أعانك الله على ذا الجند

فأخذته الحمّى فمات هو وبقي عياله. وكتب عمر بن الخطاب إلى ابنه عبد الله: يا بنيّ، إتق الله، فإنه من اتّق الله وقاه، ومن توكّل عليه كفاه، ومن شكره زاده، فلتكن التقوى عماد عينيك وجلاء قلبك، واعلم أنه لا عمل لمن لا نية له ولا أجر لمن لا حسبة له، ولا مال لمن لا رفق له، ولا جديد لمن لا خلق له. وقال محمود الورّاق «١» : [سريع]

يا عائب الفقر ألا تزدجر ... عيب الغنى أكثر لو تعتبر

من شرف الفقر ومن فضله ... على الغنى إن صحّ منك النظر

أنك تعصي الله تبغي الغنى ... ولست تعصي الله كي تفتقر

وقال آخر: [مجزوء المديد]

ليس لي مال سوى كرمي ... فيه لي أمن من العدم

لا أقول الله أعدمني ... كيف أشكو غير متّهم

<<  <  ج: ص:  >  >>