للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو رواية ترويها، تنقّصها الكناية ويذهب بحلاوتها التعريض، وأحببت أن تجري في القليل من هذا على عادة السّلف الصالح في إرسال النّفس على السجيّة والرغبة بها عن لبسة الرياء والتصنع. ولا تستشعر أنّ القوم قارفوا وتنزّهت وثلموا أديانهم وتورّعت. وكذلك اللحن إن مرّ بك في حديث من النوادر فلا يذهبنّ عليك أنّا تعمدناه وأردنا منك أن تتعمده لأنّ الإعراب ربما سلب بعض الحديث حسنه وشاطر النادرة حلاوتها، وسأمثل لك مثالا: قيل لمزيد المديني- وقد أكل طعاما كظّه «١» : قي؛ فقال: ما أقي، أقي نقا ولحم جدي! مرتي طالق لو وجدت هذا قيا لأكلته. ألا ترى أن هذه الألفاظ لو وفّيت بالإعراب والهمز حقوقها لذهبت طلاوتها ولاستبشعها سامعها وكان أحسن أحوالها أن يكافىء لطف معناها ثقل ألفاظها فيكون مثل المخبر عنها ما قال الأوّل: [بسيط]

إضرب ندى طلحة «٢» الخيرات إن فخروا ... ببخل أشعث واستثبت وكن حكما

تخرج خزاعة من لؤم ومن كرم ... فلا تعدّ لها لؤما ولا كرما

ولمثل هذا قال مالك بن أسماء «٣» في جارية له: [خفيف]

أمغطّى منّي على بصري لل ... حبّ أم أنت أكمل الناس حسنا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>