واسعة الصحن، رفيعة السّمك، عظيمة الأبواب، فقال: إعلم أنك قد ألزمت نفسك مؤنة لا تطاق، وعيالا لا يحتمل مثلهم، ولا بد لك من الخدم والسّتور والفرش على حسب ما ابتليت به نفسك، وإن لم تفعل هجّنت رأيك.
وقرأت في كتاب الآيين أنه كان يستقبل بفراش الملك ومجلسه المشرق، أو يستقبل بهما مهبّ الصّبا، وذلك أن ناحية المشرق وناحية الصّبا يوصفان بالعلوّ والارتفاع، وناحية الدّبور وناحية المغرب يوصفان بالفضيلة والانخفاض، وكان يستقبل بصدور إيوانات الملك المشرق أو مهبّ الدبور، ويستقبل بصدور الخلاء وما فيه من المقاعد مهبّ الصّبا، لأنه يقال: إنّ استقبال الصبّا في موضع الخلاء آمن من سحر السّحرة ومن ريح الجنّة.
وكان عمر يقول: على كلّ خائن أمينان: الماء والطين. ومرّ ببناء يبنى بآجرّ وجصّ فقال: لمن هذا؟ قالوا: لفلان، فقال: تأبى الدراهم إلا أن تخرج أعناقها، وشاطره ماله.
أبو الحسن قال: لما بلغ عمر أنّ سعدا وأصحابه قد بنوا بالمدر «١» قال:
قد كنت أكره لكم البنيان بالمدر، فأمّا إذ قد فعلتم فعرّضوا الحيطان، وأطيلوا السّمك، وقاربوا بين الخشب. وقيل ليزيد بن المهلب: لم لا تبني بالبصرة دارا؟ فقال: لأني لا أدخلها إلا أميرا أو أسيرا، فإن كنت أسيرا فالسجن داري، وإن كنت أميرا فدار الإمارة داري. وقال: الصواب أن تتّخذ الدّور بين الماء والسّوق، وأن تكون الدور شرقية والبساتين غربية.