حدّثني سهل بن محمد عن الأصمعيّ قال: أخبرني شيخ من مشيختنا،- وربما قال: هارون الأعور- أن قتيبة بن مسلم قال: أرسلني أبي إلى ضرار بن القعقاع بن معبد بن زرارة فقال: قل له قد كان في قومك دماء وجراح، وقد أحبّوا أن تحضر المسجد فيمن يحضر، قال: فأتيته فأبلغته فقال يا جارية: غدّيني، فجاءت بأرغفة خشن فثردتهنّ في مريس «١» ثم برقتهنّ «٢» فأكل. قال قتيبة: فجعل شأنه يصغر في عيني ونفسي، ثم مسح يده وقال:
الحمد لله، حنطة الأهواز وتمر الفرات وزيت الشام، ثم أخذ نعليه وارتدى، ثم انطلق معي وأتى المسجد الجامع فصلّى ركعتين ثم احتبى، فما رأته حلقة إلا تقوّضت إليه، فاجتمع الطالبون والمطلوبون فأكثروا الكلام، فقال: إلى ماذا صار أمرهم؟ قالوا: إلى كذا وكذا من إبل، قال: هي عليّ، ثم قام.
الهيثم عن ابن عباس قال: كان معد يكرب بن أبرهة جالسا مع عبد العزيز بن مرون على سريره فأتي بفتيان قد شربوا الخمر، فقال: يا أعداء الله، أتشربون الخمر! فقال معد يكرب: أنشدك الله أن لا تفضح هؤلاء، فقال:
إنّ الحق في هؤلاء وفي غيرهم واحد، فقال معديكرب: يا غلام صبّ من شرابهم في القدح، فصبّ له فشربه وقال: والله ما شرابنا في منازلنا إلا هذا.
فقال عبد العزيز: خلّوا عنهم، فقيل له حين انصرفوا: شربت الخمر! فقال:
أما والله إن الله ليعلم أنّي لم أشربها قطّ في سرّ ولا علانية، ولكنّي كرهت أن يفضح مثل هؤلاء بمحضري.
وحدّثني شيخ لنا قال: مدح شاعر الحسن بن سهل فقال له: احتكم، وظنّ أنّ همّته قصيرة، فقال: ألف ناقة، فوجز الحسن ولم يمكنه، وكره أن