بها عليك. قال ميمون بن ميمون: من عرف بالصدق جاز كذبه، ومن عرف بالكذب لم يجز صدقه. قال أبو حيّة النّميريّ- وكان كذّابا-: عنّ لي ظبي فرميته فراغ عن سهمي فعارضه والله السهم، فراغ فراوغه السهم حتى صرعه ببعض الخبارات «١» . وقال أيضا: رميت ظبية فلما نفذ السهم ذكرت بالظبية حبيبة لي فشددت وراء السهم حتى قبضت على قذذه «٢» . وصف أعرابيّ امرأة فقيل: ما بلغ من شدّة حبّك لها؟ قال: إني لأذكرها وبيني وبينها عقبة الطائف فأجد من ذكرها ريح المسك.
أنشد الفرزدق سليمان بن عبد الملك:[وافر]
ثلاث واثنتان فهنّ خمس ... وسادسة تميل إلى شمام «٣»
فبتن بجانبيّ مصرّعات ... وبتّ أفضّ أغلاق الختام
كأنّ مفالق الرمّان فيها «٤» ... وجمر غضا قعدن عليه حامي «٥»
فقال له سليمان: ويحك يا فرزدق، أحللت بنفسك العقوبة، أقررت عندي بالزنا وأنا إمام ولا بدّ لي من أن أحدّك؛ فقال الفرزدق: بأيّ شيء أوجبت عليّ ذلك؟ قال: بكتاب الله؛ قال: فإن كتاب الله هو الذي يدرأ عنّي الحدّ؛ قال: وأين؟ قال: في قوله: وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ