للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصلاح. ومن ذلك الليل الذي جعله الله سكنا ولباسا وقد يستوحش له أخو القفر وينازع فيه ذو البليّة والرّيبة وتعدو فيه السّباع وتنساب فيه الهوامّ «١» ويغتنمه أهل السّرق والسّلّة «٢» ولا يزري صغير ضرره بكثير نفعه ولا يلحق به ذمّا ولا يضع عن الناس الحقّ في الشكر لله على ما منّ به عليهم منه. ومثل النهار الذي جعله الله ضياء ونشورا وقد يكون على الناس أذى الحرّ في قيظهم وتصبّحهم فيه الحروب والغارات ويكون فيه النّصب والشخوص وكثير مما يشكوه الناس ويستريحون فيه إلى الليل وسكونه. ولو أن الدنيا كان شيء من سرّائها يعمّ عامة أهلها بغير ضرر على بعضهم وكانت نعماؤها بغير كدر وميسورها من غير معسور كانت الدنيا إذا هي الجنة التي لا يشوب مسرّتها مكروه ولا فرحها ترح والتي ليس فيها نصب ولا لغوب «٣» ، فكلّ جسيم من أمر الدنيا يكون ضرّه خاصة فهو نعمة عامة وكل شيء منه يكون نفعه خاصا فهو بلاء عام.

وكان يقال: «السلطان والدين أخوان لا يقوم أحدهما إلا بالآخر» .

وقرأت في التاج لبعض الملوك: «هموم الناس صغار وهموم الملوك كبار وألباب الملوك مشغولة بكل شيء يجلّ وألباب السّوق «٤» مشغولة بأيسر الشيء، فالجاهل منهم يعذر نفسه بدعة ما هو عليه من الرّسلة «٥» ولا يعذر سلطانه مع شدّة ما هو فيه من المؤنة «٦» ، ومن هناك يعزّر الله سلطانه ويرشده وينصره.» .

سمع زياد رجلا يسبّ الزمان فقال: «لو كان يدري ما الزمان لعاقبته،

<<  <  ج: ص:  >  >>