آمر به، ثم قال: ويل للشعر من راوية الشعر؛ فقيل له: أوص يا أبا مليكة للمساكين بشيء؛ قال: أوصيهم بالمسألة ما عاشوا فإنها تجارة لن تبور. قيل:
أعتق عبد يسارا؛ قال: اشهدوا أنه عبد ما بقي. قيل: فلان اليتيم ما توصي فيه؟ قال: أوصي أن تأكلوا ماله وتنيكوا أمّه؛ قالوا: ليس إلا هذا! قال:
احملوني على حمار فإنه لم يمت عليه كريم لعليّ أنجو؛ ومات مكانه.
لمّا حضرت سعد بن زيد الوفاة جمع ولده وقال: يا بنيّ، أوصيكم بالناس شرّا كلّموهم نزرا، وانظروا إليهم شزرا، ولا تقبلوا لهم عذرا؛ قصّروا الأعنّة، واشحذوا الأسنّة، تأكلوا القريب، ويرهبكم البعيد. ولمّا حضرت وكيعا الوفاة دعا بنيه فقال: يا بني، إنّي لأعلم أن قوما سيأتونكم قد أقرحوا جباههم وعرّضوا لحاهم يدّعون أنّ لهم على أبيكم دينا فلا تقضوهم، فإنّ أباكم قد حمل من الذّنوب ما إن غفر الله له لم تضرره، وإلّا فهي مع ما تقدّم.
تقدّم رجل من بني العنبر إلى سوّار فقال: إنّ أبي مات وتركني وأخا لي، وخطّ خطّين ناحية، ثم قال: وهجينا لنا، ثم خط خطّا آخر ناحية، ثم قال: كيف ينقسم المال بيننا؟ فقال: المال بينكم أثلاثا إن لم يكن وارث غيركم؛ فقال له: لا أحسبك فهمت، إنه تركني وأخي وهجينا لنا؛ فقال سوّار: المال بينكم سواء؛ فقال الأعرابيّ أيأخذ الهجين كما آخذ ويأخذ أخي؟ قال أجل! فغضب الأعرابيّ وقال: تعلم والله أنك قليل الخالات بالدّهناء «١» ؛ فقال سوّار: إذا لا يضرّني ذلك عند الله شيئا.