الجسد إلا بهنّ ولا تقوم واحدة إلا بهنّ، المرّة الصفراء والمرّة السوداء والدّم والبلغم، ثم أسكنت بعض هذه الخلق في بعض فجعلت مسكن اليبوسة في المرة السوداء ومسكن الرطوبة في الدم ومسكن البرودة في البلغم ومسكن الحرارة في المرّة الصفراء، فأيّما جسد اعتدلت فيه هذه الفطر الأربع فكانت كلّ واحدة منهنّ ربعا لا يزيد ولا ينقص كملت صحتّه واعتدل بنيانه، وإن زادت واحدة منهنّ غلبتهنّ وقهرتهنّ ومالت بهن ودخل على أخواتها السّقم من ناحيتها بقدر ما زادت وإذا كانت ناقصة تقلّ عنهنّ ملن بها وعلونها وأدخلن عليها السّقم من نواحيهنّ لقلّتها عنهنّ حتى تضعف عن طاقتهن وتعجز عن مقاومتهن. قال وهب: وجعل عقله في دماغه وشرهه في كليته، وغضبه في كبده، وصرامته في قلبه، ورعبه في رئته، وضحكه في طحاله وحزنه وفرحه في وجهه، وجعل فيه ثلاثمائة وستين مفصلا.
قال: حدّثني زيد بن أخزم قال: حدّثنا بشر بن عمر عن أبي الزّناد عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «كلّ ابن آدم تأكل الأرض إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركّب» . وقالت الحكماء: الخنث يعتري الأعراب والأكراد والزّنج والمجانين وكلّ صنف إلا الخصيان فإنه لا يكون خصيّ مخنّث. وقالوا: كلّ ذي ريح منتنة وذفر كالتيس وما أشبهه، إذا خصي نقص نتنه وذهب صنانه «١» غير الإنسان فإنّ نتنه يشتدّ وصنانه يحدّ وعرقه يخبث وريحه. وكلّ شيء من الحيوان يخصى فإنّ عظمه يدقّ، فإذا دقّ عظمه استرخى لحمه وتبرّأ من عظمه خلا الإنسان فإنه إذا خصي طال عظمه وعرض.
وقالوا: الخصيّ والمرأة لا يصلعان، والخصيّ تطول قدمه وتعظم. وبلغني أنه كان لمحمد بن الجهم برذون رقيق الحافر فخصاه فجاد حافره، اعتبر ذلك