كان يقال: إذا أردت أن تكون عالما فاقصد لفنّ من العلم، وإذا أردت أن تكون أديبا فخذ من كل شيء أحسنه. قال إبراهيم «١» بن المهديّ: [بسيط]
قد يرزق المرء لم تتعب رواحله ... ويحرم الرّزق من لم يؤت من تعب
مع أنني واجد في الناس واحدة ... الرزق أروغ شيء عن ذوي الأدب
وخلّة ليس فيها من يخالفني ... الرزق والنّوك مقرونان في سبب «٢»
يا ثابت العقل كم عاينت ذا حمق ... الرّزق أغرى به من لازم الجرب
قال أنو شروان للموبذ «٣» : ما رأس الأشياء؟ قال: الطبيعة النقيّة تكتفي من الأدب برائحته ومن العلم بالإشارة إليه، وكما يذهب البذر في السّباخ «٤» ضائعا، كذلك الحكمة تموت بموت الطبيعة، وكما تغلب السّباخ طيّب البذر إلى العفن، كذلك الحكمة تفسد عند غير أهلها؛ قال كسرى؛ قد صدقت وبحق قلّدناك ما قلّدناك.
قال بعض السلف: يكون في آخر الزمان علماء يزهّدون في الدنيا ولا يزهدون، ويرغّبون في الآخرة ولا يرغبون، ينهون عن غشيان الولاة ولا ينتهون، يقرّبون الأغنياء ويباعدون الفقراء، وينقبضون عند الحقراء، وينبسطون عند الكبراء: أولئك الجبّارون أعداء الرحمن.