وكانوا يكرهون أن يزيد منطق الرجل على عقله، قال: ليس هذا أريد قال: كانوا يخافون من فتنة القول ومن سقطات الكلام ما لا يخافون فتنة السكون ومن سقطات الصّمت؛ قال: ليس هذا أريد؛ قال: فكأنّك إنما تريد تخيّر اللفظ في حسن إفهام قال: نعم؛ قال: إنك إن أردت تقرير حجّة الله في عقول المكلّفين، وتخفيف المؤونة على المستمعين، وتزيين تلك المعاني في قلوب المريدين، بالألفاظ المستحسنة في الآذان، المقبولة عند الأذهان، رغبة في سرعة استجابتهم، ونفي الشواغل عن قلوبهم، بالموعظة الحسنة من الكتاب والسّنة، كنت قد أوتيت فصل الخطاب، واستوجبت على الله جزيل الثواب.
قال بعضهم: ما رأيت زيادا كاسرا إحدى عينيه واضعا إحدى رجليه على الأخرى يخاطب رجلا إلا رحمت المخاطب. وقال آخر: ما رأيت أحدا يتكلّم فيحسن إلّا أحببت أن يصمت خوفا من أن يسيء إلّا زيادا فإنّه كلّما زاد زاد حسنا، وقال «١» : [طويل]
وقبلك ما أعييت «٢» كاسر عينه ... زيادا فلم تقدر عليّ حبائله
قال محمد بن سلّام: كان عمر بن الخطّاب إذا رأى رجلا يلجلج في كلامه قال: خالق هذا وخالق عمرو بن العاص واحد!.
وتكلّم عمرو بن سعيد الأشدق، فقال عبد الملك: لقد رجوت عثرته لمّا تكلّم، فأحسن حتّى خشيت عثرته إن سكت.
أبو الحسن قال: قال معاوية لصحار العبديّ: ما هذه البلاغة التي فيكم؟ فقال: شيء تجيش به صدورنا ثم تقذقه على ألسنتنا؛ فقال رجل من