رجل للشّرط «١» فقيل: أيّ الرجال تريد؟ فقال:«أريده دائم العبوس طويل الجلوس سمين الأمانة أعجف الخيانة لا يحنق في الحق على جرّة «٢» يهون عليه سبال الأشراف في الشفاعة» فقيل له: عليك بعبد الرحمن بن عبيد التميمي.
فأرسل إليه يستعمله، فقال له: لست أقبلها إلا أن تكفيني عيالك، وولدك وحاشيتك. قال: يا غلام، ناد في الناس: من طلب إليه منهم حاجة فقد برئت منه الذمّة. قال الشعبي: فوالله ما رأيت صاحب شرطة قطّ مثله، كان لا يحبس إلا في دين، وكان إذا أتي برجل قد نقب على قوم وضع منقبته «٣» في بطنه حتى تخرج من ظهره، وإذا أتي بنبّاش حفر له قبرا فدفنه فيه، وإذا أتي برجل قاتل بحديدة أو شهر سلاحا قطع يده، وإذا أتي برجل قد أحرق على قوم منزلهم أحرقه، وإذا أتي برجل يشكّ فيه وقد قيل إنه لص ولم يكن منه شيء ضربه ثلاثمائة سوط. قال: فكان ربما أقام أربعين ليلة لا يؤتى بأحد فضم إليه الحجاج شرطة البصرة مع شرطة الكوفة.
وقرأت في كتاب أبرويز إلى ابنه شيرويه:«إنتخب لخراجك أحد ثلاثة: إما رجلا يظهر زهدا في المال ويدّعي ورعا في الدين فإنّ من كان كذلك عدل على الضعيف وأنصف من الشريف ووفّر الخراج واجتهد في العمارة، فإن هو لم يرع ولم يعفّ إبقاء على دينه ونظرا لأمانته كان حريّا أن يخون قليلا ويوفّر كثيرا استسرارا بالرياء واكتتاما بالخيانة، فإن ظهرت «٤» على ذلك منه عاقبته