للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه العلة؟ فقال منكة: داؤك كبير ودواؤه يسير وأيسر منه الشكر، وكان متفننا، فقال له يحيى: ربما ثقل على السمع خطرة الحقّ به، فإذا كان ذلك كانت الهجرة له ألزم من المفاوضة فيه. قال منكة: صدقت، ولكني أرى في الطوالع أثرا والأمد فيه قريب وأنت قسيم في المعرفة وقد نبّهت، وربما كانت صورة الحركة للكوكب عقيمة ليست بذات نتاج ولكنّ الأخذ بالحزم أوفر حظ الطالبين. قال يحيى: للأمور منصرف إلى العواقب وما حتم لا بدّ من أن يقع، والمنعة بمسالمة الأيام نهزة فاقصد لما دعوتك له من هذا الأثر الموجود بالمزاج. قال منكة: هي الصفراء مازجتها مائية من البلغم فحدث لها بذلك ما يحدث للهب عند مماسّته رطوبة المادة من الإشتعال فخذ ماء رمّانتين فدقّهما بإهليلجة «١» سوداء تنهضك مجلسا أو مجلسين وتسكّن ذلك التوقّد الذي تجد «٢» إن شاء الله. فلما كان من حديثهم الذي كان، تلّطف منكة حتى دخل على يحيى في الحبس فوجده جالسا على لبد «٣» ووجد الفضل بين يديه يمهن أي يخدم فاستعبر منكة وقال: قد كنت ناديت لو أعرت الإجابة. قال له يحيى: أتراك علمت من ذلك شيئا جهلته؟ كلا ولكنه كان الرجاء للسلامة بالبراءة من الذنب أغلب من الشّفق وكان مزايلة القدر الخطير عبئا قلّما تنهض به الهمة. وبعد فقد كانت نعم أرجو أن يكون أوّلها شكرا وآخرها أجرا. فما تقول في هذا الداء؟ قال له منكة: ما أرى له دواء أنجع من الصبر، ولو كان يفدى بمال أو مفارقة عضو كان ذلك مما يجب لك. قال يحيى: قد شكرت لك ما ذكرت فإن أمكنك تعهّدنا فافعل. قال منكة: لو أمكنني تخليف الروح عندك ما بخلت بذلك، فإنما كانت الأيام تحسن لي بسلامتك. قال الفضل:

<<  <  ج: ص:  >  >>