عصيتك وأنا بنكالك جاهل، ولا بعقوبتك ولا بنظرك مستخفّ، ولكن سوّلت لي نفسي، وأعانني على ذلك شقوتي، وغرّني سترك المرخى عليّ، فعصيتك بجهل وخالفتك بجهل، فالآن من عذابك من يستنقذني وبحبل من أعتصم إن قطعت حبلك عنّي، فواسوأتاه من الوقوف بين يديك غدا! إذا قيل للمخفّين: جوزوا وللمثقلين: حطّوا؛ أفمع المثقلين أحطّ أم مع المخفّين أجوز؟ ويلي! كلّما كبرت سنّي كثرت ذنوبي؛ ويلي! كلّما طال عمري كثرت معاصيّ فمن كم أتوب! وفي كم أعود! أما آن لي أن أستحي من ربّي؟
بلغني عن الوليد بن مسلم عن عثمان بن أبي العاتكة قال: كان داود النبيّ عليه السلام يقول في مناجاته: سبحانك إلهي! إذا ذكرت خطيئتي ضاقت عليّ الأرض برحبها، وإذا ذكرت رحمتك ارتدّ إليّ روحي، سبحانك إلهي! أتيت أطبّاء عبادك ليداووا لي خطيئتي فكلّهم عليك يدلّني.
حدّثني بعض أشياخنا قال: كان داود الطائيّ يقول: همّك عطّل عليّ الهموم، وحالف بيني وبين السّهاد، وشدّة الشفق من لقائك أوبق «١» عليّ الشهوات، ومنعني اللذّات، فأنا في طلبك أيها الكريم مطلوب. وقال: تعبّد ضيعم قائما حتى أقعد، وقاعدا حتى استلقى، ومستلقيا حتى أفحم؛ فلما جهد رفع بصره إلى السماء وقال: سبحانك، عجبا للخليقة كيف أرادت بك بدلا؟ وسبحانك، عجبا للخليقة كيف استنارت قلوبها بذكر غيرك؟ وعجبا للخليقة كيف أنست بسواك؟
عتبة أبو الوليد قال: كانت امرأة من التابعين تقول:
سبحانك، ما أضيق الطريق على من لم تكن دليله! سبحانك ما أوحش