للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو إذا أنت تأمّلته ... حزن على الخدّين محلول

قيل لعفيرة العابدة: ألا تسأمين من طول البكاء؟ فبكت ثم قالت: كيف يسأم ذو داء من شيء يرجو أن يكون له فيه من دائه شفاء؟

قال ابن أبي الحواريّ: رأيت أبا سليمان الدارانيّ يبكي، فقلت له: ما يبكيك؟ فقال: إنما أبكي لذلك الغمّ الذي ليس فيه فرح، وذلك الأمد الذي ليس له انقطاع.

قال بعضهم: أتيت الشام، فمررت بدير حرملة، وبه راهب كأنّ عينيه عدلا مزاد «١» ؛ فقلت؛ ما يبكيك؟ فقال: يا مسلم، أبكي على ما فرّطت فيه من عمري، وعلى يوم مضى من أجلي لم يتبيّن فيه عملي. قال: ثم مررت بعد ذلك فسألت عنه؛ فقالوا: أسلم وغزا فقتل في بلاد الروم.

أشعث قال: دخلت على يزيد الرّقاشيّ فقال لي: يا أشعث، تعالى حتى نبكي على الماء البارد في يوم الظمأ، ثم قال: والهفاه! سبقني العابدون وقطع بي؛ وكان قد صام ثلاثين أو أربعين سنة.

زيد الحميريّ قال: قلت لثوبان الراهب: أخبرني عن لبس النصارى هذا السواد، ما المعنى فيه؟ قال: هو أشبه بلباس أهل المصائب؛ قال:

فقلت: وكلّكم معشر الرهبان قد أصيب بمصيبة؟ فقال: يرحمك الله! وأيّ مصيبة أعظم من مصائب الذنوب على أهلها؟ قال زيد: فلا أذكر قوله ذلك إلا أبكاني.

ابن أبي الحواريّ قال: دخلت على أبي سليمان وهو يبكي؛ فقلت: ما

<<  <  ج: ص:  >  >>