حدّثنا جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار أنه قال: [متقارب]
أتيت القبور فناديتهن ... ن أين المعظم والمحتقر؟
وأين المدلّ بسلطانه؟ ... وأين المزكّي إذا ما افتخر؟
قال: فنوديت من بينها ولا أرى أحدا: [متقارب]
تفانوا جميعا فما مخبر ... وماتوا جميعا ومات الخبر
تروح وتغدو بنات الثرى «١» ... فتمحو محاسن تلك الصّور
فيا سائلي عن أناس مضوا ... أما لك فيما ترى معتبر؟
قال: فرجعت وأنا أبكي.
بلغني أنه قرىء على قبر بالشام: [بسيط]
باتوا على قلل «٢» الأجبال تحرسهم ... غلب الرجال فلم تنفعهم القلل
واستنزلوا بعد عزّ من معاقلهم ... فأسكنوا حفرة يا بئس ما نزلوا
ناداهم وصارخ من بعد ما دفنوا ... أين الأسرّة والتيجان والحلل؟
أين الوجوه التي كانت محجّبة ... من دونها تضرب الأستار والكلل «٣» ؟
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم ... تلك الوجوه عليها الدود تقتتل
قد طال ما أكلوا دهرا وما نعموا ... فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا
وقال آخر: [رمل]
ربّ قوم عبروا من عيشهم ... في نعيم وسرور وغدق
سكت الدهر زمانا عنهم ... ثم أبكاهم دما حين نطق