للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يصل إليك. يا أمير المؤمنين، ولو أنّ ثوبا من ثياب أهل النار علّق بين السماء والأرض لاذاهم فكيف من يتقمّصه؟ ولو أن ذنوبا «١» من صديد أهل النار صبّ على ماء الأرض لآجنه «٢» فكيف بمن يتجرّعه؟ ولو أنّ حلقة من سلاسل جهنم وضعت على جبل لذاب، فكيف من سلك فيها ويردّ فضلها على عاتقه! وقد قال عمر بن الخطاب: «لا يقوّم أمر الناس إلا حصيف العقدة، بعيد العزّة، لا يطّلع الناس منه على عورة، ولا يحنق في الحقّ على جرّة «٣» ، ولا تأخذه في الله لومة لائم» .

واعلم أنّ السلطان أربعة: أمير يظلف «٤» نفسه وعمّاله، فذلك له أجر المجاهد في سبيل الله وصلاته سبعون ألف صلاة ويد الله بالرحمة على رأسه ترفرف؛ وأمير رتع ورتع عمّاله. فذاك يحمل أثقاله وأثقالا مع أثقاله؛ وأمير يظلف نفسه ويرتع عمّاله، فذاك الذي باع آخرته بدنيا غيره؛ وأمير يرتع ويظلف عمّاله، فذاك شرّ الأكياس.

واعلم يا أمير المؤمنين أنك قد ابتليت بأمر عظيم عرض على السّموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنه وأشفقن منه؛ وقد جاء عن جدّك في تفسير قول الله عز وجل: لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها

«٥» : أنّ الصغيرة التّبسّم، والكبيرة الضّحك، وقال: فما ظنكم بالكلام وما عملته الأيدي؟

<<  <  ج: ص:  >  >>