وكتب رجل إلى صديق له: الشوق إليك وإلى عهد أيامك- التي حسنت بك كأنها أعياد، وقصرت بك حتى كأنها ساعات- يفوت الصفات؛ ومما جدّد الشوق وكثّر دواعيه تصاقب الدار، وقرب الجوار؛ تمم الله لنا النعمة المتجدّدة فيك بالنظر إلى الغرّة المباركة التي لا وحشة معها ولا أنس بعدها.
قال الحسن «١» : المؤمن لا يحيف «٢» على من يبغض ولا يأثم فيمن يحبّ.
وقرأت في بعض الكتب: إنه ليبلغ من حسن شفاعة المحبة أنّ الحبيب يسيء فيظنّ به الغلط ويذنب فيحتجّ له بالدّالّة «٣» ، وذنبه لا يحتمل التأويل ولا مخرج له في جواز العقول.
وفيه: كلّ ذنب إذا شئت أن تنساه نسيته وإن شئت أن تذكره ذكرته، فليس بمخوف. وليس الصغير من الذنب ما صغّره الحبّ، وإنما الصغير ما صغّره العدل. وليس الذنب إلا ما لا يصلح معه القلب ولا يزال حاضرا الدهر، وإلا ما كان من نتاج اللؤم ومن نصيب المعاندة، فأما ما كان من غير ذلك فإنّ الغفران يتغمّده والحرمة تشفع فيه.
وكتب رجل إلى صديق له في فصل من كتاب: لساني رطب بذكرك، ومكانك من قلبي معمور بمحبّتك. ونحوه قول معقل أخي أبى دلف لمخارق: