وقال إياس بن معاوية «١» : خرجت في سفر ومعي رجل من الأعراب، فلمّا كان ببعض المناهل لقيه ابن عمّ له فتعانقا وتعاتبا وإلى جانبهما شيخ من الحيّ، فقال لهما الشيخ: أنعما عيشا، إنّ المعاتبة تبعث التجنّي، والتجنّي يبعث المخاصمة، والمخاصمة تبعث العداوة، ولا خير في شيء ثمرته العداوة، فقلت للشيخ: من أنت؟ قال: أنا ابن تجربة الدهر ومن بلا تلوّنه «٢» ، فقلت له: ما أفادك الدّهر؟ قال: العلم به، قلت: فماذا رأيت أحمد؟ قال: أن يبقي المرء أحدوثة حسنة بعده، قال: فلم أبرح ذلك الماء حتى هلك الشيخ وصلّيت عليه.
وقال رجل لصديق له: أنا أبقي على موّدتك من عارض «٣» يغيّره وعتاب يقدح فيه، وأؤمّل نائيا من رأيك يغني عن اقتضائك.
وقرأت في كتاب العتابيّ «٤» : تأنينا إفاقتك من سكر غفلتك، وترقّبنا انتباهك من وسن رقدتك، وصبرنا على تجرّع الغيظ فيك حتى بان لنا اليأس من خيرك، وكشف لنا الصبر عن وجه الغلط فيك، فها نحن قد عرفناك حقّ معرفتك في تعدّيك لطويل حقّ من غلط في اختيارك.
وقال الشاعر:[من الطويل]
فأيّهما يا ليل إن تفعلي بنا ... فآخر مهجور وأوّل معتب
وكتب محمد بن عبد الملك إلى الحسن بن وهب «٥» : يجب على